25 November 2011

لامبيدوزا Spoon River


عدت من تونس ومعي ما يقرب من ثلاثين صورة فوتوغرافية. صور لشباب. بعضها بالألوان، وبعض أبيض وأسود. أحفظها في ظرف داخل كراسة. الصور مغلفة بورقة عليها قائمة تضم أسماء وتواريخ ميلاد، باللغة العربية. كل مرة أنظر فيها إلى تلك الصور تجعلني أتأثر. كما لو أنني أخشى أن أنظر في أعينهم التي لم تعد موجودة. نعم، فهؤلاء الشباب الثلاثون هم جزء من المائة وسبعة وثمانين تونسياًّ الذين فُقِدوا في البحر عام 2011 وهم في طريقهم إلى لامبيدوزا. أعطاني إياها أقاربهم. وطلبوا مني أن أنشرها وأن أسأل إذا كان أحدٌ قد رآهم سواء في إحدى مراكز تحديد الهوية والترحيل أو في السجون أو في أي مكانٍ آخر. تجربة هذه السنوات تجعلني أعتقد أنه ليس هناك أمل في العثور عليهم أحياء. ومع ذلك، قررت أن أنشرها. وأرجو من قراء المدونة أن يبذلوا بعض الجهد. سأقوم بنشر صورة كل يوم لمدة أسبوعين. حاولوا أن تنظروا إلى أعينهم التي لم تعد موجودة. وتدربوا على نطق أسمائهم بشكلٍ صحيح. وعلى تمجيدهم أيضاً. ففي نهاية المطاف لن يذكرهم الناس على أنهم ضحايا. بل كشهداء. سقطوا في حرب الحدود القذرة. أبطال متمردون قاموا بتنظيم حركة عفوية من العصيان المدني ضد قوانين الحدود الجائرة وضد تجريم حرية التنقل. شبابٌ قتلتهم سفاراتنا قبل أن تقتلهم أمواج البحر. شبابٌ دفعونا – من خلال انتهاكهم عمداً للقوانين الأوروبية الخاصة بالهجرة – لنسأل أنفسنا عن مؤسسية العنصرية، عن حظر التنقل، وعن احتجاز مَن لا يحمل مستندات هوية. هذه الوجوه ستكون جزءاً من الصور التي ستعرض في متحف الهجرة الذي سيتم افتتاحه في يومٍ من الأيام في لامبيدوزا، كما هو الحال اليوم في جزيرة إيليس في الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن سيكون قد فات الأوان لكي نخبط على صدورنا ونتفوه بالعبارات البليغة. فلنتصرف وكأن هؤلاء الشباب مطلقاً.

استمع إلى ما يقوله راديو باسابورتو حول التونسيين المفقودين

على موقع قصص مهاجرين يمكنك التوقيع على عريضة لتطلب من الحكومة الإيطالية التزاماً أكبر للبحث عن المفقودين على الحدود

اقرأ أيضاً