الآن لدينا الصور. منذ شهورٍ، نكتب على هذه المدونة أن وراء العبور من طرابلس إلى لامبيدوزا تكمن ميليشيات القذافي، وأن المسئولية السياسية وراء وفاة العديد (على الأقل 1674 شخصاً منذ بداية السنة) يتحملها العقيد، إضافةً إلى أمره الجنوني بغزو إيطاليا بالأفارقة على أمل أن تنسحب الحكومة الإيطالية المعادية للأجانب من المشاركة في المهمة العسكرية لقوات حلف شمال الأطلسي. بعد جمع شهادات من رحلوا بمساعدة الميليشيات والقوات البحرية وأولئك الذين اختطفوا وأجبروا على الرحيل، يمكننا للمرة الأولى أن نظهر لكم الصور الخاصة بكل هذا. هذا هو مقطع فيديو قام بتصويره ليبي بهاتف محمول مساء يوم 28 نيسان/أبريل، حيث كان قريباً بما يكفي من الميناء التجاري في طرابلس ليصبح شاهداً صعباً على عمليات الترحيل البحري التى لا حصر لها، والتي تحولت إلى مأساة. كان الظلام قد حل بالميناء عندما وصلت بعض الحافلات محملة عن آخرها بالأفارقة. هناك عائلات بأكملها، رجال ونساء وأطفال. يتم إنزالهم بسرعة على أيدي الميليشيات وإجبارهم على الصعود على متن إحدى قوارب الصيد القديمة الراسية. لكن عدد الركاب كبير للغاية والقارب في حالة سيئة، حتى أنه ربما يغرق قبل مغادرة الميناء. يموت العشرات من الناس. يتم انتشال جثثهم وحملها بعيداً. ومصور مقطع الفيديو نفسه كان أحد من شارك في إنقاذ هؤلاء. وبعد أربعة أشهر من المأساة يعود إلى المكان مع بعض الغواصين وطاقم من قناة الجزيرة. في قاع الماء يجدون بعض الملابس والكتب، وبطاقات هوية وأحذية ورفات الذين سقطوا في المياه في ذلك المساء. إنها مأساة ما كنا نعرف شيئاً عنها حتى الآن، وهو ما يجعلنا نعتقد أن عدد من لقوا مصرعهم على الطريق الليبي في الفترة من آذار/مارس حتى الآن قد يفوق الـ 1674 الذين أعلنا عنهم في الصحافة القومية. ولكن العدد الحقيقي ربما لا نعرفه أبداً. ما هو مؤكد هو أن الأمر قد انتهى. ولقليل من الوقت لن يضطر أحد للسفر في هذه الظروف. فالنظام قد سقط. والأجانب القليلون المتبقون في طرابلس يفركون أيديهم في انتظار عودة الازدهار الاقتصادي. لأن الجميع يعلم في طرابلس أنه بدون العمال الأفارقة لا يتحرك ساكن
ترجمة: محمد نجيب سالم