01 April 2011

فلنرحل عبر الموسيقى : Partir Loin

إذا أردنا أن نفهم ما يجري في لامبيدوزا، هل من الممكن أن تساعدنا في هذا مجرد أغنية أكثر من تقرير سياسي؟ ما هي تلك القدرة التي يمتلكها بلد ما تشجع فيها موسيقى الراب شبابها على السفر، وتؤكد فيها الثقافة العامة على ضرورة الرحيل بعيداً، المغادرة، الفرار، كما لو كان من سجن، من أجل رؤية العالم؟


هناك عشرات الأغاني من هذا النوع. من المغرب وحتى مصر. وبين كل هذه الأغاني، يبرز بقوة النجاح الكبير الذي حققته أغنية ""Partir loin ("الرحيل بعيداً!")، وهي أغنية جزائرية لفرقة الراب رضا تالياني و113. ظهر أول تأثير لهذه الأغاني عام 2005، وحتى الآن فهذه الأغاني جديرة بالاستماع. السبب الأول في ذلك هو إيقاع هذه الأغاني الذي لا يقاوم. والسبب الثاني هو أنها تساعدنا على فهم ما يدور في لامبيدوزا. وهذا يذكرنا، وما أحوجنا إلى التذكر، بأن العشرين ألف شاب التونسي الذين وصلوا إلى إيطاليا (سواء أعجبنا هذا أم لا) لم يكونوا يائسين. لم يكونوا لاجئين سياسيين. لم يكونوا فارين من حرب. إنهم، قبل كل شيء، شباب يملؤه حب التحدي وأحلام يسعون لتحقيقها. تماماً مثلنا نحن الذين نقوم أحياناً برحلات غير منتظرة تجاه جنوب العالم. ويكمن وراء السببين الرغبة في البحث عن الاختلاف، والتعرف على الآخر، واستكشاف أماكن جديدة. ولكن هناك فارق: الشباب التونسي قام بثورة في الأمس القريب، وتعلموا عن قرب أنه من حق الإنسان أن يثور. وربما دون أن يفكروا في الأمر مليًّا، بدأوا في الثورة ضد الظلم الذي يُمارَس على الحدود. يرغبون اللحاق بذويهم في باريس، العمل هناك بضعة أشهر، يملؤهم الشغف لبلوغ الضفة الشمالية للبحر المتوسط كي يحكوا لأصدقائهم ما سيشاهدون، يريدون الارتباط بإيطاليات، يرغبون في السفر. الدافع؛ هذا شأنهم. بعد كل هذا، فإن السفر ليس قاصراً على من يملؤهم اليأس، ولكن على العكس إنه جزء لا يتجزأ من حياة كل شاب في عالمنا الحالي. إلا أن سفاراتنا – منذ سنوات – تمنع جيلاً بأكمله في قارة أفريقيا من السفر بشكل شرعي إلا من خلال تأشيرة على جواز السفر

كي نثير فضولكم، قمنا أيضاً بترجمة كلمات أغنية "Partir loin" من العربية إلى الإيطالية. استمعوا لها واقرؤا كلماتها. ربما سيكون ذلك أكثر إفادةً من الكلمات المستهلَكة التي تملأ - في الوقت الحالي - صفحات الجرائد بشكل عشوائي بأقلام رؤساء التحرير بدلاً من إحالتهم إلى التقاعد. على الشاطيء الآخر، هناك جيل بأكمله يطالب بالسفر؛ لأسباب تافهة وغير مقنعة. وحتى إن تمكنوا من الوصول مباشرة إلى باريس جوا، ربما لن ننتبه إلى هذا، وقد يعود نصفهم إلى ديارهم. لذلك أكرر أنه لا ضير من أن تكتظ بهم لامبيدوزا؛ لأن كل هذا يضعنا في مواجهة قضايا جادة توشك على الانفجار. لا يجب أن نقتصر على طلب تصريح إقامة لأسباب إنسانية؛ لأنه خلال ستة أشهر ستتكرر نفس المسألة. ليس هذا لب الموضوع. لابد من سقوط القوانين التي تجرم حرية التنقل، تماماً مثلما سقطت دكتاتورية جنوب البحر المتوسط. ها قد حان الوقت. أتمنى لكم أن تستمتعوا بالأغنية