01 February 2009

غوانتانموا ليبيا: الجندرمة الجدد للحدود الإيطالية

françaisenglishitalianodeutschgreek
Centro di detenzione di Zlitanطرابلس- الباب الحديدي محكم الإغلاق. من داخل الكوة الصغيرة تظهر وجوه شابين أفريقيين وشاب مصري.الرائحة الشديدة التي تخرج من الزنزانة تحرق أنفي. أطلب من الثلاثة أن يفسحوا لي الرؤية, فأرى غرفتين بمساحة 3 أمتار بـ 4. تتشابك نظراتي بنظرات ما يقارب الثلاثين شخصاً. مكدسين فوق بعضهم البعض. أرى بعض الحصر على الأرض وبعض الفرش المطّاطية العفنة. كتب أحدهم على الجدران "غوانتانموا". لكننا لسنا داخل قاعدة أميريكية. إننا في زليتان, في ليبيا. والمعتقلون ليسوا بإرهابيين مزعومين, بل مهاجرين تم توقيفهم الى الجنوب من لامبيدوزا ليتعفنوا في سجون رديئة ممولة جزئياً من إيطاليا والإتحاد الأوروبي


Centro di detenzione di Zlitanيتزاحم السجناء باتجاه باب الزنزانة. لم يتلقّوا أية زيارة منذ أشهر. يرفع بعضهم صوته صارخاً "أنجدونا". يمد شاب يده أمام من في الصف الأول ويعطيني ورقة صغيرة. كتب عليها رقم هاتف. رمزه الدولي خاص بدولة غامبيا. أضعه في جيبي قبل أن تلحظه الشرطة. الشاب يُدعى عثمان. يطلب منّي أن أخبر والدته بأنه ما زال على قيد الحياة. هو في السجن منذ خمسة أشهر.أما فابريتشيه فلم يخرخ من تلك الزنزانة من تسعة أشهر. ألقيَ القبض على كليهما أثناء عمليات الشرطة في أحياء المهاجرين في طرابلس. فالشرطة الليبية مشغولة في عمليات مشابهة منذ سنوات. تقوم بها لصالح إيطاليا. فالتعاون بين البلدين في مجال مكافحة الهجرة يعود الى سنة 2003. أرسلت حينها إيطاليا زوارق, سيارات جيب وأكياس للجثث إضافةً الى الأموال اللازمة لدفع ثمن رحلات الإبعاد و معسكرات الإعتقال. معاهدة الصداقة الذي صوّت عليها للتو البرلمان الإيطالي تسمح بالقيام بدوريات مراقبة مشتركة والتي كان قد نص عليها أيضاً الإتفاق الموقع من قبل حكومة برودي والذي لم ينفذ حتى اليوم. منذ الأشهر الأولى يمكن ارسال الآلاف من المهاجرين المعتقلين الى ليبيا لترحيلهم, دون أي تمييز فيما يتعلق باللآجئين السياسيين والذين يمثلون نسبة 50% من مجمل المسافرين باتجاه لامبيدوزا

Centro di detenzione di Zlitan“المهاجرون هم ضحية مؤامرة بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط. أوروبا ترى مشكلة أمنية فقط, لا أحد يريد أن يتكلم عن حقوقهم". جمعة أتيغا هو محامي من طرابلس. على حائط مكتبه توجد شهادة في القانون الجزائي من جامعة لا سابيينتسا في روما حصل عليها في العام 1983. ترأس منذ العام 1999 منظمة حقوق الإنسان للمؤسسة التي يقودها الإبن البكر للقذافي, سيف الإسلام. واستقال منها السنة الماضية. وبدأ من العالم 2003 حملة أدّت الى إطلاق سراح 1000 معتقل سياسي. يصف لنا بلد يعيش تحول سريع لكن لا يزال بعيد عن اي وضع مثالي في مجال الحريات الفردية والسياسية.

Pattuglie a Zuwarahيعرف أتيغا شخصياً وضع المعتقلين السياسيين في ليبيا. فقد سُجن من العام 1991 حتى العام 1998 كسجين سياسي وبدون محاكمة. يصرح بأن التعذيب يمارس بشكل واسع من قبل الشرطة الليبية. “قمنا منذ العام 2003 بحملة ضد التعذيب في السجون. نظمنا مؤتمرات, زرنا السجون, أعددنا دورات لظباط الشرطة. قلة الوعي تجعل الشرطة تمارس التعذيب ظناً منها بأنها تقوم بخدمة العدالة". مصطفى عطير يرى الأمور بنفس الطريقة. يدرّس علم الإجتماع في جامعة الفتح في طرابلس. “ لا يتعلق الأمربالعنصرية, الليبييون لطفاء مع الأجانب. المشكل تتعلق بالشرطة".

Pattuglie a Zuwarahكلماته تجعلني أفكر بالحلاقين الغانيين في المدينة , بالخياطين التشاديين, بالسوادنيين أصحاب المحلات, بالمصريين عمال المطاعم, بالنساء المغربيات اللواتي يعملن في مجال النظافة وبالكناسين الأفارقة اللذين ينظفون شوارع أسواق العاصمة كل ليلة. بينما يختبئ الأريتريون في أحياء غورجي وكريميا يعيش و يعمل معظم المهاجرون الأفارقة في ظل ظروف من الإستغلال لكن مع هدوء نسبي. يعتبر وضع السوادنيين والتشاديين بكل تأكيد أسهل بكثير فهم مسلمون ويتكلمون العربية. يعود وجودهم في ليبيا الى مايا يزيد عن عشر سنوات ويحظٌون بالتسامح. الوضع هو نفسه بالنسبة للمغاربة والمصريين. على عكس ذلك فالإيريتريين هم هنا فقط من أجل العبور الى أوروبا. هم مسيحيون ولا يتكلمون العربية. يملكون عادةً النقود للعبور وهذا يجعل منهم صيداً سهلاً لصغار المحتالين ولعناصر شرطة فاسدين. الأمر مختلف بالنسبة للنيجريين وللصحراويين الأنكلوفونيين بشكل عام. سواء أكانوا متجهون نحو أوروبا أم لا, يصطدم مصيرهم في ليبيا منهجياً مع الأحكام المسبقة اللتي نمت ضد النيجيريين عقبَ بعض الأخبار السيئة. فهم متهمون بجلب المخدرات, الكحول و الدعارة ومتهمون بالقيام بعمليات سطو وجرائم وبنشر فيروس الإيدز
.