الرديف منطقة يسكنها 37000 ساكن و تنتمي إلى ولاية قفصة،400 كم جنوب تونس العاصمة. نحن على الحدود مع الجزائر، في قلب واحد من أكبر الأحواض المنجمية للفسفاط في العالم. تمتدّ المناجم من أمّ العرائس في الرّديّف، إلى المظيلّة في المتلوّي. تُغَطِّي الأفق سلسلة من الجبال الصّخرية الرّمادية، تمتدّ خلفها سماء أقلّ زُرقة من المعتاد، أصبحت داكنةًًً بفضل الغبار المتصاعد خلال الحفريّات و جَرَّاءَ عَمَلِيَّة غسل الفسفاط أيضًا. تمّ إكتشاف المناجم خلال الفترة الإستعماريّة، سنة 1897 ، من طرف الفرنسي فيليب طوماس. وَقَعَ تأميم شركة فسفاط قفصة إبّان الإستقلال، في سنة 1957. تمّ إستجراج ثمانية ملايين طنّ من الفسفاط من هاته المناجم خلال سنة 2007، و الّذي جعل من تونس المنتج الخامس عالميّا لهذه المادّة المنجميّة، المستخدمة في إنتاج الأسمدة المعدنيّة. و تُعدُّ الصّين و الهند من أكبر المستوردين، هذه الطّلبات أشعلت الأسعار في السّوق. فقد قفز سعر طنّ الفسفاط الخام من 40 دولار أمريكي سنة 2007 إلى 130 في الوقت الحالي. في حين أ نّ ثاني فسفاط الأمونيوم فاق الألف دولار للطّنّ الواحد. أرباح شركة فسفاط قفصة تتزايد بسرعة، و لكنّ واقع الرّديّف يقول العكس.
بفضل تحديث المرافق واستخدام الحفريات في الهواء الطلق، فإنّ شركة فسفاط قفصة إستغنت عن 75 بالمئة من عُمّالها و ضاعفت طاقة الإنتاج في نفس الوقت. تُشغّل الشّركة الآن نحو 5000عامل. في حين تصل نسبةُ البطالة في منطقة عُمّال المناجم إلى 40 بالمئة. و تُعدُّ شركة فسفاط قفصة القطب الإقتصادي الوحيد في الجهة. تُلوّثُ مُعدّات غسل الفسفاط طبقة المياه الجوفيّة، ما يَنجُمُ عنهُ تقويض منظومة الفلاحة و تربية المواشي. في ظلّ هذه الظّروف، يجتاز المئات من الشّباب كلَّ سنة الحُدُود خلسة ـ ما يُعَبَّرُ عنه بالحرقان في العامّية ـ إنطلاقًا من ليبيا ثُمّ إلى لامبدوسا الإيطالية. و الجدير بالذكر أنّ منطقة الرّديّف كانت في السّتّينيات وجهة العديد من المهاجرين اللّيبيين، الجزائريين، المغاربة، المالطييّن و حتّى الإيطاليين، في مغامرَةٍ في الجنوب التّونسي بحثًا عن عملٍ في مناجم شركة فسفاط قفصة. و قد تسبّبَ تمركز هذه النّسبة العالية من العُمّال في تأسيس التّجارب النّقابيّة الأوُلى في البلاد في بداية القرن العِشرين، و الّتي وَلَّدت هذه العادات النّقابيّة والّتي تُمثّلُ أساس الحركة الّتي تُطالِبُ الحُكُومة مُنذُ جانفي 2008 ، بإِعادَةِ إِستِثمارِ الثّروة المُنتَجَة من طرف شركة فسفاط قفصة، في الجِهةِ، و تحمُّلِها مسؤُو ليّة الكوارث البِيئيّة.
بدأَ كُلُّ شئٍ يوم 5 جانفي 2008 ، عندما أَعلنَت شركة فسفاط قفصة عن نتائِج مناظرة للعُمُوم لِثمانين فُرصة عَمَل، و الّتي إِشتَرَكَ فيها أكثَرُ من 10.000 شخص. و قد تمَّ إِ عتِبار القائمة النّهائية مغشُوشة. ما دفع بالعاطلين عن العمل من الشّباب إلى الإحتجاج و ذلك بإحتلال مقرّ الإتّحاد العامّ التّونسي للشّغل بالرّديّف و إعتبروه مشارِكًا في عمليّة التزوير. و تتالت الأحداث بسرعة لتلتحق بهم 11 أرملة يطالِبنَ بِإحترام الحِصّة المخَصّصة لأِبناء المتوفّين في حوادث شغل بالشّرِكة، ليمنعوا مرور القِطارات المُحَمَّلة بالفسفاط. بعد تَوُسِّع قاعِدة الإحتجاجات، قامت السّلُطَات المحَلِّية بِتَكليف مجموعة مِنَ النَّقابيين – أغلَبُهُم من أَساتِذة التّعليم العالي ما يعني بِأنَّهُم لا يَنتَمُونَ لِشرِكة فُسفاط قفصة – للتّفَاوُض مَعَ الجُمُوع المُحتشِدَة، فِي خِلالِ ذلِكَ كانَت صُحُفُ المُعارَضَة قَد كَتَبَت عَنِ الأَحدَاث. في شهر مارس/ آذار، تَمُّ تشكيل لَجنة وَطَنِيّة بِمدِينَة تُونس لِدَعم شَعب المَناجم، كما شَارَكَ بَعضُ نَقابِيِّي الرّدَيّف في يَومٍ تَضامُنِيٍّ أُقِيمَ يَوم 4 أَفريل في العَاصِمة . وَ لكِن عِندَ عَودَتِهِم صَبَاحَ يَوم 7 أفريل، تَمَّ إِيقافُهُم إِضافَةً إلى العَشَرات مِنَ النُّشَطاء. مِن بينِ هَؤُلاءِ هُناك أَيضًا عَدنان الحَاجّي، الكَاتِب العَامّ لِنَقَابَةِ الأَساتِذَة بالرّديّف وَ الشّخصِيّة البَارِزَة في حَرَكَةِ الإِحتِجاج. فِي نَفسِ اليَوم، قَاطَعَ أساتِذةُ الجِهَة الدُّرُوس، ثُمَّ في ظَرفٍ وَجيز تَمَّ الإِعلان عن إِضراب يستَمِرُّ لِمُدَّة ثلاثِة اَيَّام. يَوم 9 أفريل، قُرابَةِ الثَّلاثين إِمرأة يَنزِلنَ إِلى الشَّارِع للإحتِجاج و يُطالِبنَ بِإِطلاق سراحِ أَزواجِهِنَّ، لِتَنضَمَّ لَهُنَّ بَعدَ ذَلِك كُلُّ المَدِينة، ثُمَّ يتَوجَّهُ الجمِيع إلى مَقَرِّ الوِلايَةِ. في اليَوم المُوالي تَمَّ إِطلاق سَراح النَّقابيِّين، و قَد تَجَمَّعَت حُشُود غَفِيرة لإِِستِقبالِهِم عَلى مَشَارِفِ المَدِينةِ. أَكثَرُ مِن 20.000 شَخصٍ يُعلِنُونَ عَدنان الحاجِّي، قَائِدهُم الجَديد.
مِن جِهَةٍ أُخرى، تَضاعَفَت مُبَادَرات التَّضَامُن الّتِي يُنضظِّمُها المُهاجِرُون التُّو نسيُّون بِفَرنسا، خاصَّةً في نانت أَينَ تَقطُنُ جالِيَة كبيرَة مِن أَصِيلي الرّديّف، و الّتي أَنشَأَت لَجنَةً للتّضَامُن وَ نَزَلت إِلى الشَّارِع. فِي المُقابِل، لَم تَكُن هُناك مُؤَشِّرات لإِنخِفاض حِدَّةِ الإِحتِجاجات فِي الحَوض المَنجمِيّ. يَوم 6 ماي 2008، إِستَحوَذت مَجمُوعَة مِن الشُّبَّان على المُوَلِّد الكَهربَائيّ بتابدِّيت، وَ قَطَعُوا الكَهرَباء عَلى خُطُوط إِنتاج شَرِكة الفُسفاط. وَصَلَت الشُّرطة عَلى عَين المَكان، و طَلَبَ مَسؤول في الوِلاية مِنَ الشُّبَّان، المُغادَرَة. لَم يَجِد هِشام بِن جدّو العلايمِي، إِلاّ جَسَدَهُ لِمَنع إِرجاع الكَهرَباء، صَعَدَ إلى خُطُوط الضّغط العَالي وَ هَدَّدَ بِالإِنتِحار. لَكِنَّ أَحَدَهُم أَرجَعَ الكَهرَبَاء رَغمَ ذَلِكَ، خِلالَ ثَواني سَقَطَ جَسَدُ الفتَى مُتَفحِّمًا عَلَى الأَرض. تِلكَ كانَت بِدَايَة خطّ النّار.
تَمَّ إِرسال تَعزيزات مِنَ العَاصِمَة، و أصبَحَت قُوَّات الشُّرطة و الجَيش تُرَاقِبُ كُلَّ مَدَاخِل مَدينَة الرّديّف، أَعوان بِالزَّي المَدَني يُرَاقِبُون الوُجُوه البَارِزة للإِحتِجاج. تَعَكَّرت الأجواء بَينَ الشُّرطَة و المُواطِنين، حتَّى أنَّ المّقاهي و المَحلاّت التِّجاريّة تَرفُضُ البَيعَ لأِعوان الأمن.الشَّاب هَيثم صمادح في حَالَة غيبُوبَة بَعد تَلَقِّيه طَلَقات في الرَّّأس، قَتيل آخر يَسقُطُ يوم 2 جوان: نبيل شقرة، إِثرَ صَدمَة قَاتِلَة مِن سيّارة شُرطَة خِلالَ مُطارَدةِ بَعض المُتظاهِرِين. لَيلة 5 جوان، تَمَّ نَهب وَ تدمِير بَعض المَحَلاّت التِّجارِيّة مِن طَرَف الشُّرطة. لِتَشهدَ المَدينَة في اليَوم المُوالي مُظاهرَات كَبيرة، فِي المُقابِل أُصدِرَت الأَوامِر للشُّرطة بِتفريق الجُمُوع و إِطلاق الرَّصاص. مغزاوي الحفناوي، تُوُفِّي على عَين المَكان إِثرَ طَلقٍ نارِي في الصّدر. كما تمَّ نَقل 27 شابّ آخَرين إلى مُستشفى قفصة، جرّاءَ إصاباتٍ بالرّصاص. تـُوفِّيَ عبد الخالق أعميدي في المُستشفى، وَهو أحَدُ هؤُلاء الشّبّان، يوم 14 سبتمبر اَي بعدَ حوالَي ثلاثة أشهُر منَ الحادِثة، إِثرَ إصاباتٍ في العَمود الفقري ناتِجة عن رصاصات أُطلِقت على مُستوَى الحَوض. و على الأرجح أنَّهُ أُصِيب عِندما كان يُحاوِلُ الفِرار، لأِنَّ الإصابة كانَت في الظّهر. و يَجدُر التّذكِير بِأنَّ آخِر مرَّة أطلَقَت فيها الشُّرطة التّونِسيّة النَّار على مُتاظِهِرين، كانَت خِلالَ أزمَة الخُبز في جانفي 1984 . كانَ ذَلِك في عَهدِ الرّئيس الحبيب بورقيبة، وكانَ بن علي وَقتَها مُديرًا للأمن الوَطَني.
في ظَرف أشهُر، تمَّ إيقاف أكثر مِن 200 شخص منَ النَّقابيّين وَ العامَّة. ما دَفَعَ بِالعَديد إلى الفِرار، إِذ يَلجَأُ العَشَرات كُلَّ ليلَة إلى الجبال المُحيطَة بِالمَدينة. لَكن معَ تواصُل مُداهمات الشُّرطة لِلمنازِل و أَعمال العُنف المُرتَكبَة في حَقّ أهالِيهم، تَدفَعُهُم لِتقدِيم أنفُسِهم لِلعدالَة. وِفقًا لِروايَة شُهود، قامَ بعضُ أعوان الشّرطة التُّو نسيّة في اللّيلَة الفَاصِلة بين 21 و 22 جوان، بِضربِ، غسّان، إِبن النّقابيّ بشير لَعبيدي، بُغيَة الحُصول على مَعلومات عنِ الوالِد الفَارّ. وَ بالطّريقَةِ نَفسِها، تمَّ الإعتِداء وَالِدة النّقابي طارق حلايمي، المُسِنَّة، و شَقِيقُه. في اللّيلة نفسها، أُلقِيَ القبض للمرَّة الثّانيَة على عدنان حاجّي، قائِد الإِحتِجاجات. لَم يَعُد للحرَكة قائِد. لَكِنَّه لم يَتِمّ إيقاف أيُّ إمرأة.
يوم 27 جويلية، نزَلَت زَوجات النّقَابيّين و النُّشطاء المُعتَقَلين إلى الشَّوارِع، و ذلِك للمُطالَبَة بإِطلاق سَراح المُعتَقَلين. مِن بين هؤُلاء أيضًا، زكِيّة ضيفاوي، من مواليد 1966 ، وهيَ صحافِيّة، شاعِرة و أُستاذَة تاريخ و جُغرافيا بالمعهَد الثّانَوي نهج فاس، بِالقَيرَوان. و هيَ مُحرِّرة بِجريدَة <مواطِنُون>، النّاطِقَة بِإسمِ الحَركَة المُعارِضة: المُنتَدى الدّيمُقراطي للعمَل و الحُرِّيات، وَهيَ من أَعضاءِهِ. تَمَكّنَت زكيّة من الدُّخول للرّديّف و تَجاوز الطّوق الأمني المَفروض على المَدينة، للقِيام بِرِيبورتاج. حَالَما إِنتَهَت المُظاهَرة، داهَمَت الشُّرطة منزل جُمعة، زَوجة عدنان حاجّي، أينَ كانَت مَوجودة زكيّة ضيفاوي. كان الهَدَفُ من إيقافِها، إِبلاغ رِسالَة واضِحة إلى جميع الصّحافيين التّونسيين بِعَدَمِ الوُصول إلى الرّديّف و عدَمِ الكِتابةِ عنِ الثّورة. و الجانِب الآخَر للقَمع: السّيطَرَة الكامِلَة على الإعلام.
يَوم 10 سبتمبر 2008 تَمَّ الحُكم نِهائِيًّا على زكيّة ضيفاوي، بالسِّجن لِِمُدّة أَربَعَة أشهُرٍ و نِصف. وهيَ لَيسَت الصّحافِيّة الوَحيدَة خَلفَ القُضبان، حتّى أنَّ حُرِّيَة التَّعبير نَفسَها لَقِيَت المَصيرَ نَفسَهُ. أَثناءَ المظاهَرات، كانَت المَعلومات عن الرّديّف تُنشَرُ بِطريقَتَين: على أَعمِدَة صُحُف المُعارَضة و على أمواج قَناة الحِوار التّلفَزِيّة. من بين صُحُف المُعارضة الّتي كتَبَت عنِ الموضوع، صَحيفة طارق الجَديد اليَومِيّة - النّاطِقَة بِإسم الحَزب الشُّيوعي التُّو نسي القَديم- إِعتِمادًا عَلى مُراسِلِها بالرّديّف، عمر غُندر، الّذي تمَّ الإعتِداءُ علَيهِ بالضَّرب مِن طَرَف عَونَي أمن، يَوم 26 جوان قُربَ منزِلِه بِمِدِينة نَفطَة، بَعدَ أَن كانَ قَد تَلَقَّى تَهدِيداتٍ في وقتٍ سابِق بِسبَبِ ما يَكتُبُهُ. وَ بِنَفسِ الطَّريقَةِ عُومِلََ مسعُود رُمضانِي، عُضوُ الرَّابِطَة التّونِسيَّة لِحُقُوق الإنسان و النَّاطِق بَإسم الحَرَكَة الوَطَنِيَّة لِدَعم شَعب المَناجم، قَد لَقِيَ المَصيرَ نَفسَهُ قَبلَ نَحوِ شَهرٍ، إِذ تمَّ الإعتِداءُ عَلَيهِ بِالضَّرب مِن طَرَف أعوان أَمن بِالزَّي المَدَني، فِي مَحَطَّة سيَّارات الأُجرَة بِالعاصِمَة، وَهوَ قَيد المُراقَبَة الشَّدِيدَة مُنذُ ذَلِك الحِين.
في المُقابِل،كانَت أفلام الفيديو الّتي تُصَوِّر المُظاهرات و عُنف الشُّرطة و الّتي سُجِّلَت بِطريقَة هاوِيَة على عَين المَكان مِن طَرَف المُصوِّر محمود ردَّادي، قَد بُثَّت على القَناة الفَضائيَّة الإيطاليَّة Arcoiris بَين الثَّامِنة و العَاشِرة ليلاً، دَاخِل برنامج أعَدَّهُ فريق من تلفزيون الحِوار التونسي. وُثِّقَت أفلام التَّنديد هَذِهِ على أَقراص (DVD) لِتُوَزَّعَ سِرًّا في كامِلِ تُونس، لِتُبَثَّ بَعدَها على قَناة الجزيرَة، ثُمَّ حُمِّلَت على شَبَكة الإنترنات في مواقِع (Youtube و Dailymotion).
الإنترنات كانَت الوَسيلَة الأساسِيَّة لِكَسرِ جِدار الصَّمت، عَلى الشَّبَكَة يُمكِنُ مُشاهَدة صُوَرُ الجَرحى بِالرَّصاص، وَقائِع المُظاهَرات وَ مَسيرات عدنان حاجِّي. مَعَ أَنَّ مَواقِعDailymotion) و (Youtube
حُجِبَت في تونس مُنذُ نوفمبر 2007 بِسَبَبِ مَقاطِع الفيديو الّتِي تُبرِزُ المُعاناة و التَّعذيب، كما تقدَحُ في بن علي. في المُقابِل تُواصِلُ قناة (Acroiris) البَثّ لكِن معَ إختِفاء بَرنامِج قناة الحِوار. يُوجَدُ المُصَوِّر محمود ردَّادي في السّجن، في حينِ فرَّ فَهيم بوقدُّوس وهوَ الَّذي يقُوم بِعَمَليَّات التَّركيب و المونتاج، مِن منزِلِهِ يَوم 5 جويلية، لِتَجَنُّب مُذَكِّرَة إيقاف صَدَرَت بِحقِّهِ. وَ كِلاَهُما مُتَّهَم بِتَرويج مَعلُومات تَهدِفُ إلى زَعزَعَةِ الأمن العَامّ، مَا يَجعَلُهُم مُهَدَّدينَ بِعُقُوبَة تَصِلُ حدَّ إثنا عَشَرَة سَنَةٍ مِن السِّجن. قَرِيبًا سَتَقَعُ مُحاكَمَتهُم بِمَعِيَّة 38 مُتَّهَمًا آخَرين، مِن بَين هؤُلاء 14 نَقابِيٍّا. وَ سَتَبدَأُ المُحاكَمة في نِهايَة شَهر نوفمبر، و التُّهمَة هِيَ التَّآمُر لِلقتل. سَتَكُون واحِدة مِن أكبَر المُحاكَمات السِّياسِيَّة مِن طَرَف بن علي. وَ كانَ قَد صرَّحَ اَغلَبُ المَوقُوفِين بِتَعَرُّضِهِم للتَّعذيب و إجبارِهِم على الإمضاء على إعتِرافاتٍ بِأشياء لَم تَحصُل. يُحتَجَزُ زُعَماء الإحتِجاجات، النَّقابيّين الثَّلاثَة، عدنان حاجِّي، بشير لَعبيدي و الطَّيب بن عُثمان، في سُجون القصرين و سيدي بوزيد، الَّتي تَبعُد 150 كم عن مَدينَة الرّديِّف، في حِينِ يَمكُثُ الباقُون في قفصة أَينَ سَتُقامُ المُحاكَمَة.
خارِج المَحكَمة، تُغَطِّي المُلصَقات، الّتِي تُصوِّرُ بن علي وهوَ يَبتَسِم، كُلَّ مَدينةٍ في تُونس. كَما يَحتَفِلُ في 7 نوفمبر بِالسَّنة الوَاحِدة و العِشرين لِرئاسَتِهِ، و في نوفمبر 2009 يَعُودُ للإنتِخاب.
الأرواح الّتي أُزهِقَت في الرّديّف لَن تَكونَ كافِيَة لِتَقوِيض الإِجماع المُفتَعَل حَولَ التَّجَمُّع الدُّستوري الدِّيمقراطي و لاَ إِحياء المُعارَضَة بَعدَ سَنَوات مِنَ القَمع ضِدَّها. كَما أَنَّ مُحامُو المُتَّهَمِين يَعرِفُونَ بِأنَّ الحُكمَ مُحَضَّرُُُ ُ سَلَفًا، وَلَكِنَّ التَّارِيخَ لا يَنسَى... كَما قالَ أحَدُ المُحامين لَم يُرِد ذِكرَ إسمِهِ. كَما قالَها، مُنذُ قَرنٍ، شاعِرُ تُوزر الشَّاب أبو القَاسِم الشَّابِّي :
إِذا الشَّعبُ يَومًا أّرادَ الحَيَاة لا بُدَّ أن يَستَجيبَ القَدَر
لا بُدَّ لِلَّيلِ أَن يَنجَلِي وَ لا بُدَّ لِلقَيدِ أَن يَنكَسِر
روابِط للتَّعمُّق:
أحداث الرّديّف بِالفيديو على [ يوتوب] ـ
أحداث الرّديّف بِالفيديو على [ دايلي موشن] ـ
تونس: تقرير منظّمة العفو الدّوليّة لِسنة 2007 ـ
تونس: تقرير مُراسلون بلا حدود لِسنة 2008 ـ
، صحيفة [لوموند ديبلوماتيك]تونس، ثورة ( شعب المناجم ) ـ
، صحيفة (لاريبوبليكا) الإيطاليّة. تونس: الإنقلاب الإيطالي: " نعم، نختار بن علي " ـ
ملاحظات:
اللإقتصاد: شهد النَّاتج المحلِّي الإجمالي لتونس، نموَّا بنسبة 6.3 % سنة 2007 . يبلغ متوسّط الدّخل الفردي 2400 يورو في السّنة، بنسبة إرتفاع قدرها 4.8 % مقارنة بسنة 2007 . بتضخّم نسبته 5.4 % في أوت 2008 ، تبلغُ نسبة البطالة 14.2 % ، و تأتي الرّديّف في المقدّمة بنسبة 40 %.
الفسفاط: استخرجت شركة فسفاط قفصة 8 ملايين طن من الفسفاط سنة 2007 . أُ كتُشفت مناجم قفصة سنة 1897 من طرف الفرنسيين. اِرتفع سعر طن الفسفاط الخام من 40 دولار سنة 2007 إلى 130 دولار سنة 2008.
السّياحة: إستقبلت تونس سنة 2007 ، 6.7 مليون سائِح برقم معاملات قدِّر ب1.6 مليار يورو. في التّسعة أشهر الأولى من سنة 2008 ، إرتفع عدد اللّيالي المقضَّاة بنسبة 3 % و الدّخول بنسبة 9 %.
الهجرة: يعيش في إيطاليا 100.000 تونسي على الأقل. في النّصف الأوّل من سنة 2008 حلَّ بجزيرة صِقلّية 1287 تونسي. من بين الأربعين ضحيّة في حادث الغرق، الّذي جدَّ يوم 19 مارس 2008 ، يوجد بعض أصيلي المتلوّي.