26 December 2011

راب لامبيدوزا. خاص بالموسيقى وحراقة. فلنرحل بعيداً


أسبوع الموسيقى، على موقع فورتريس إيوروب، كي نفهم أكثر ما يحدث عند الحدود. نعم، فقد كثر مغنوا الراب الوافدون من البحر المتوسط جنوب إيطاليا والذين يغنون كثيراً عن مغامرة عبورهم للوصول إلى إيطاليا. وسط كلماتهم، يمكننا أن نعثر على مفاتيح هامة جداً تمكننا من قراءة هذه الكلمات على النحو الصحيح. لم تعد الحدود مجرد حدود جغرافية، بل أكثر من ذلك بكثير. هكذا تراها الأحياء الشعبية بمدينة تونس، وضواحي عنابة، وريف خريبكة. إنه التحدي، اختبار لإثبات الشجاعة لبلوغ مكانٍ ما حيث يمكن تحقيق أحلام الحياة. لدرجة أن من المغرب إلى تونس، السفر بدون وثائق يسمونه الحراقة، وهو مسمى يعني الحرق

حرق الحدود، تماماً مثل طارق بن زياد، الزعيم العربي الذي أمر جنوده – أثناء فتح أسبانيا في القرن الثامن الميلادي – بحرق المراكب فور عبور مضيق جبل طارق، فلم يكن هناك مجالاً للعودة إلى الخلف، إما النصر أو الشهادة. وهكذا، بعد مرور ثلاثة عشر قرناً، ها هو حلم الفتح يظهر من جديد على قوارب حراقة. لكن التحدي بات أمراً فردياًّ، تماماً كالمخاطر. أما في المغرب، فيقال عن الهجرة "كايريسكي"، وهي كلمة فرنسية تعني المخاطرة. بالنسبة لصغار السن، المخاطرة بمثابة حيلة في زمن العولمة، مغامرة للهروب من محيط العالم، كي تشعر أخيراً وكأنك في مركز خيالك، وأخيراً تعيش. أما بالنسبة لمن هم أكبر سناًّ، فالهجرة هي ببساطة الطريق الوحيد المؤدي إلى نجاتهم ونجاة أسرهم من الناحية الاقتصادية. في كلمة واحدة: الاستهلاك، وبالتالي السعادة المزعومة

لكن الأمور لا تسير دائماً كما هو مخطط لها. فأوروبا يمكن أن تكون مجرد خدعة، كما تقول أغنية تونسية أخرى. وهكذا تعبر أغاني الراب عن وجهات نظر الآباء، أو بشكل عام وجهات نظر الغالبية العظمى من مجتمع الضفة الجنوبية للبحر المتوسط. ولكن هل يستحق الأمر المخاطرة بالحياة في البحر؟ كم من الشباب فقدوا حياتهم حتى الآن؟ وكم منهم لا يزال الموت ينتظرهم؟

يبدو أن الجواب يأتينا من أغنية أخرى. كنت قد قمت بوضعها على المدونة في شهر أبريل، عندما أسمعني طالب جامعي تونسي في فينتميليا إحدى قصائد الشابي كي يعكس لي مدى رغبته في السفر والشعور بالحرية. قصيدة كنت قد سمعتها أكثر من مرة في ميادين الثورات في تونس والقاهرة وبنغازي. فتخطي الحدود في النهاية هو نوع من أنواع التمرد. تماماً مثل النزول إلى الميدان للتنديد بنظام الحكم. فقد تخاطر بحياتك لتحصل على كرامتك، أو لتستعيد حقاًّ من حقوقك: مثل حق التنقل

وبالتالي فإن آلاف الفقراء الذين يسافرون كل عام دون وثائق يمثلون طليعة السياسة، إنهم أهم حركة جماهيرية تعلن العصيان على قوانين الحدود الجائرة. والأغاني التي سنعرضها عليكم تمثل عمودهم الموسيقي. يسمعونها في الراديو، ويدندنونها على متن القوارب أثناء عمليات العبور، ويقومون بتحميلها من على شبكة الإنترنت ويضعونها كنغمة رنين لهواتفهم النقالة

فلننشرها نحن أيضاً. على راديوهاتنا، وفي أفلامنا الوثائقية، وكذلك على صفحات مدوناتنا. حتى تصبح كلماتهم كلماتنا. آملين أن تساعدنا هذه الكلمات على التوصل إلى كتابة جمالية جديدة عن الحدود. لأنه إذا يوماً اختار العالم حرية التنقل، كما أعتقد، سيكون الحراقة هم أبطال وشهداء أحفادنا. والآن دعونا نرحل مع الموسيقى

اليوم نقدم النجاح الكبير الذي حققته "فلنرحل بعيداً"، وهي إحدى الأغاني الجزائرية لفرقة الراب الجزائرية رضا الطلياني و113. أول نجاح حققته هذه الأغنية يرجع إلى عام 2005، لكنها لا تزال إلى اليوم واحدة من أشهر الأغنيات. سر نجاحها – فضلاً عن إيقاعها الذي لا يُقَاوَم – يكمن في كلمات اللازمة، عندما يقول المغني للقارب "يالبابور يا مون أمور" كما لو أن القارب حبيبته، طالباً منه أن "يحمله بعيداً عن الفقر والبؤس" ويحمله في رحلة "رحيل خاص" من الجزائر إلى "الغرب". فيما يلي تجدون الترجمة الإيطالية للنص الأصلي الكامل. ابتداءً من الغد، كل يوم لمدة أسبوع، أغاني عربية أخرى تتحدث عن الحراقة