
أخر رؤية كانت على بعد 15 ميلاً من غرب الجزيرة بجانب الصخر البحري في “لمبيوني”. خمس سفن صيد من أسطول مازارا دخلوا لتمشيط المنطقة على الرغم من منع دخول البحر بسبب حالته. و يروي كنشيمي إن الأمواج كانت عالية، 8 أمتار، والرياح تهب بسرعة 70 كيلومترا في الساعة وأضاف أيضا أن البحر كان هائجاً لدرجة أنه كان من الممكن أن ينقطع الكابل. لهذا قرروا مرافقة القارب لصد الريح عنه حيث أن الأمواج كانت تضرب بشدة. وكان كل من على القارب يبحث على مأوي بجانب الصخور البحرية في لامبيدوزا في كوتسو بوننتي. كنشيمي يستمر قائلاً: إن أوقفنا القارب لنقلهم إلى قارب اخر، سيأتي هنا المشهد الأكثر صعوبة حيث إذا ما انتقل الجميع إلى جانب واحد سيفقد القارب توازنه ويغرق الجميع.
بتاريخ 17 لوليو 2007 حدث شي مشابه ولكن مع القائد ” نيكولا ازارو” ،دفعه عام 1953. حينما كانوا يصطادون الجمبري الأحمر بجانب الساحل الليبي إقترب منهم قارب من الألياف الزجاجية حاملاً على متنه 26 شخصاً وكان قد فرغ من الوقود، ولكن الاشخاص الذين على متن القارب قاموا بطلب البنزين، في حين أن نيكولا لاحظ ان قاربهم يعمل بالديزيل، وبالتالي فهو لا يستطيع مساعدتهم. ولكن فلاح السلم اقترح على نيكولا فكرة نقلهم إلى القارب. ومع أن البحر كان هادئاً إلا أنه بسبب الضجيج والتدافع، انقلب القارب ولم يكن أحدا يعرف السباحة وصاروا يسحبون بعضهم البعض كي ينجو كلا بنفسه. القائد نيكولا قام ومجموعته على الفور برمي الحبال وستر النجاة وتم انقاذ 16 شخصاً فقط ومات الاخرون غرقاً أمام عيني، يقول نيكولا ازوارو. كافأت الأمم المتحدة قادة ميناء مزارا على شجاعتهم في جميع ما نفذوه من عمليات إنقاذ. وسميت المكافأة بـ: شجاعة إنقاذ الأرواح. وصرفت المكافأة لهم بداية عام 2007، للتشجيع على إنقاذ كل من يحتاج ولكن هذا الإنقاذ يبدو جريمة في أيامنا هذه. فالقائد زنذيري، كمثال على ذلك، هو وستة من البحارة التونسيين وجهت لهم تهمة المساعدة على الهجرة غير الشرعية وذلك فقط لأنهم ساعدوا طفلين وامرأة حاملاً، عندما رأوهم بين 44 شخصا على قارب مطاطي كان على وشك الغرق. حدث ذلك يوم 8 آب (أغسطس) عام 2007، فبعدما أخذ القائد زنذيري المرأة والطفلين معه على قاربه بعد إنقاذهم، واجه وبحارته أسوأ مصير له حيث تم الحكم عليهم بالسجن لمدة ثلاث سنين ونصف وذلك بعد سنتين من المحاكمة. المحامون تقدموا بطلب الاستئناف وهم على استعداد لرفع القضية وإيصالها إلى المحكمة الأوربية إذا لزم الأمر. أما القائد زنذيري فقد قال: إنه إذا قدر لي فسأعاود الكرة ثانية فهكذا هو قانون البحار والتضامن مع هؤلاء لا يعد جريمة أبداً.