كل مرة أدخل فيها إلى الماء أشعر بألم يصل إلى معدتي. واعتقد أن هذا ليس أمراً عادياًّ. أتقدم بحذر في خليج ساموس الصغير، وأنا حافي القدمين. وأخشى أن ألمس جثة تحت الماء. تلوح في مخيلتي الصور التي أروني إياها منذ أسبوع في ليسفوس – في اليونان – وهي صور لطفلين غرقا في البحر. تتلاحق في ذاكرتي روايات الصيادين وأخبار الصحف. ثم هناك ذلك التاريخ الأسود الذي شهدت أحداثه فاثي، حيث اختفى 21 في ساموس الفسيح، وذلك في 16 مايو الماضي، ولم يبق لهم أثر سوى رسالة خطية عليها توقيع الناجي الوحيد
كنا 22 شخصاً على متن القارب.. تم اعتراضنا من قبل شرطة خفر السواحل اليونانية. ربطوا قاربنا في زورقهم، وسحبونا إلى الساحل التركي. ثم أخذوا منا الوقود، وتركونا في البحر. ساءت الأحوال الجوية، وارتفعت الأمواج. وبدأ القارب في التأرجح. كان ذلك في 16 مايو الساعة الثانية صباحاً. بدأ الأشخاص الذين كانوا على متن القارب يسقطون في البحر واحداً تلو الآخر.. ثم انقلب القارب. فقدت صديقي. بدأت أسبح وأصارع أمواج البحر. في النهاية أنقذني أحد الصيادين، وأخذني إلى المستشفى حيث نقلوني بعد ذلك إلى مركز الاحتجاز
لم يتم انتشال أي جثة في الأيام الماضية في ساموس. وأثناء ذلك، رحل ياسين - صاحب الرسالة – إلى أثينا دون أن يترك أي وسيلة اتصال له مع أحد. إذاً لا أحد أصبح قادراً على أن يجزم ما إذا كانت السلطات التركية قد تدخلت لإنقاذ ضحايا حوادث الغرق، أم أن الضحايا قد غرقوا بالفعل. ما هو مؤكد هو أن القصة أكثر من واقعية. توفيق مقتنع بذلك. هو شاب جزائري يعيش في الجزيرة اليونانية. هو مَن ترجم لي الخطاب الذي كُتِبَ باللغة العربية. بالرغم من صغر سنه -23 سنة – إلا أننا يمكننا اعتباره من الحراقة المخضرمين، نظراً لأنه تجاوز حدود تركيا واليونان سبع مرات. المرة الأخيرة بمفرده. على متن قارب، مسلح بالمجاديف والشجاعة، أبحر به لمسافة تصل لميلين. شقيقه سفيان حدث له نفس الشيء. قابلته ذات يوم عند إحدى شواطيء الجزيرة. أمام زجاجة بيرة مثلجة، يحكي لي ليلة 2 مايو من العام الماضي. هذه المرة، المسفرون خارج اللعبة. نفذوا كل شيء بأنفسهم. كانوا يعرفون الطريق. هو، وشقيقه الثالث، واثنان من أبناء عمه، وأحد أصدقائه. جميعهم جزائريون. كانوا قد اشتروا المجاديف وقارب طوله مترين. بعد أن أبحروا من الشاطيء واقتربوا من كوزادازي، أوقفتهم في منتصف الطريق قوات البحرية اليونانية. إلا أن سفيان كان لديه إصراراً كبيراً. كان زورق البحرية اليونانية رمادي اللون. اقترب رجال البحرية من القارب وقطعوا بالسكين أنبوب الهواء الداخلي
ووقفوا بعد ذلك يشاهدون الخمسة وهم يسقطون في الماء. لحسن الحظ كانوا جميعاً يجيدون السباحة، وخلال خمس ساعات من السباحة المتواصلة وصلوا إلى الساحل التركي وقد خارت قواهم. ولكن ماذا كان سيحدث لو أن أحدهم لم يكن يجيد السباحة؟ أو لو أن كل هذه الأمور حدثت في فصل الشتاء؟ إغراق قوارب المهاجرين هو إجراء معتاد تقوم به شرطة خفر السواحل والقوات البحرية اليونانية، كما هو موثق في تقرير منظمة برو أزيل لعام 2007. وكذا أيضاً غياب عمليات الإنقاذ. بلال والثلاثة وعشرون راكباً الذين كانوا قد انطلقوا بقارب في 12 مارس 2008 انتظروا تسع ساعات – دون جدوى – وصول من ينقذهم من قِبَل خفر السواحل اليونانية. كان المُسَفِّر في إزمير قد أعطاهم أرقام هواتف شرطة خفر السواحل اليونانية، والذين اتصلوا بهم في الرابعة فجراً، بعد أن تحطم القارب. حقيقةً، كان هناك زورق اقترب منهم، لكنه اقترب فقط لالتقاط بعض الصور. ثم بعد ذلك ابتعد. عندما ثارت مياه البحر، كانوا قد قرروا – كي ينقذوا حياتهم – إبلاغ شرطة خفر السواحل التركية، وذلك في حوالي الواحدة والنصف ظهراً
ووقفوا بعد ذلك يشاهدون الخمسة وهم يسقطون في الماء. لحسن الحظ كانوا جميعاً يجيدون السباحة، وخلال خمس ساعات من السباحة المتواصلة وصلوا إلى الساحل التركي وقد خارت قواهم. ولكن ماذا كان سيحدث لو أن أحدهم لم يكن يجيد السباحة؟ أو لو أن كل هذه الأمور حدثت في فصل الشتاء؟ إغراق قوارب المهاجرين هو إجراء معتاد تقوم به شرطة خفر السواحل والقوات البحرية اليونانية، كما هو موثق في تقرير منظمة برو أزيل لعام 2007. وكذا أيضاً غياب عمليات الإنقاذ. بلال والثلاثة وعشرون راكباً الذين كانوا قد انطلقوا بقارب في 12 مارس 2008 انتظروا تسع ساعات – دون جدوى – وصول من ينقذهم من قِبَل خفر السواحل اليونانية. كان المُسَفِّر في إزمير قد أعطاهم أرقام هواتف شرطة خفر السواحل اليونانية، والذين اتصلوا بهم في الرابعة فجراً، بعد أن تحطم القارب. حقيقةً، كان هناك زورق اقترب منهم، لكنه اقترب فقط لالتقاط بعض الصور. ثم بعد ذلك ابتعد. عندما ثارت مياه البحر، كانوا قد قرروا – كي ينقذوا حياتهم – إبلاغ شرطة خفر السواحل التركية، وذلك في حوالي الواحدة والنصف ظهراً
عدد عمليات وصول المهاجرين واللاجئين عبر بحر إيجه في تزايد مستمر في السنوات الأخيرة. في ليسفوس - على سبيل المثال – وصل خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2008 4320 شخصاً مقابل 6370 شخصا خلال عام 2007. معظمهم من الأفغان (3285 في العشرة شهور الأولى من عام 2007). ثم هناك عراقيين، أكراد، فلسطينيين، صوماليين، سودانيين، موريتانيين، سنغاليين، إفواريين، نيجيريين، جزائريين ومغاربة. التدفقات مختلطة. مهاجرون اقتصاديون ولاجئون. لتجنب التعرض للترحيل القسري، ادعى بعض الأفارقة أنهم صوماليون. وتظاهر بعض العرب أنهم فلسطينيون أو عراقيون. لكن اللاجئين موجودون بالفعل. يكفي زيارة مركز احتجاز ساموس القديم وستفهمون ذلك. هو مبنى قديم من طابقين، يقع في وسط المركز. تم إغلاقه في نهاية نوفمبر عام 2007. في بعض الغرف ظل كل شيء كما هو. لا تزال البطانيات موجودة على الأسرة ذات الطوابق الثلاثة. والأرض مغطاة بالأغطية المصنوعة من الجلد والريش معاً. الكتابات المنتشرة على الجدران تحكي تاريخ المركز وقصص اللاجئين الذين استقبلهم. هناك صور لياسر عرفات وعلم فلسطين، هناك عبارات تملؤها المرارة، واعترافات بحب الصومال والسودان، وكذا مطالبات بتحرير إقليم كوردستان.
يوم الأحد الموافق الأول من يونيو، سيتم الإفراج عن 35 مسجوناً من داخل مركز احتجاز ساموس الجديد. انتهزت الفرصة كي أصعد – برفقة أنَّا، أحد أفراد جيش الجزيرة – على متن نيسُّوس ميكونوس، السفينة التي ستنقل المُفرَج عنهم إلى أثينا. يجلسون عند الجسر المؤدي إلى السفينة. دفعت الشرطة لهم التذكرة. أُفرِجَ عنهم بعد أن تم احتجازهم لمدة أسبوعين أو ثلاثة. لم يعد يتم احتجاز أحداً على الجزر اليونانية أكثر من ثلاثة أشهر، كما كان يحدث حتى نهاية العام الماضي. لا أحد، سوى مَن يتقدم بطلب اللجوء. وفي الواقع، لا أحد يقوم بذلك. في عام 2007، 96% من طلبات اللجوء تمت في أثينا. كان يتم إطلاق سراح كل واحد منهم بورقة في يديه، مكتوبة باللغة اليونانية، تفيد بأنهم لديهم شهراً كي يغادروا اليونان، وأنه محظور عليهم التوجه إلى أكايا، المنطقة التي يوجد بها باتراسُّو، وهو المخرج من اليونان. لا أحد من المهاجرين يعرف ماذا سيفعل وأين سيذهب فور وصولهم أثينا. هم متروكون لأنفسهم. هناك أيضاً فتى غيني يبلغ من العمر 16 عاماً. الباقون معظمهم سنغاليين ونيجيريين، لكنهم ادعوا أنهم صوماليين. تكرر نفس المشهد الأسبوع الماضي على متن سفينة أخرى في ميتيليني، عند ميناء ليسفوس. على متن السفينة، كان هناك حوالي عشرون أفغانياًّ، بينهم أربعة قصر غير مصحوبين، وامرأتين وبحوزتهن أطفالهن الصغار. الفرصة الوحيدة – فور الوصول إلى بيرايس، ميناء أثينا – تكمن في أخذ المترو إلى أومونيا، أحد الأحياء العشوائية على أطراف المدينة
في شارع سوسوه، خلف فاترينة إحدى البارات غير المعروفة في أثينا، يوجد مقر جمعية اللاجئين السودانيين. استقبلني الرئيس آدم صالح، وقدم لي شاي. فر من دارفور، ووصل عام 2004 إلى جزيرة كريت، على متن إحدى السفن الناقلة للحاويات والتي انطلقت من ميناء السودان، في البحر الأحمر. وفقاً لتقديراته، يعيش في أومونيا ما لا يقل عن 450 سودانياًّ ومثلهم من الصوماليين. أغلبهم من اللاجئين السياسيين. لكن معظمهم لديهم تلك الورقة عديمة الفائدة التي تحدثنا عنها منذ قليل. أحدهم هو عبد الله – من مواليد 1972 – وهو شخصية متميزة، يرتدي قميص أبيض، ونظارة طبية، وساعة ذهبية. قابلته بعد قليل في فندق ماكي، وهو فندق قديم، يسكنه السودانيون، يقع في شارع ساتوفرايندو، حيث ينام فيه الوافدون الجدد مقابل 3 يورو في الليلة، في غرف تسع لعشرة أشخاص. وصل ساموس 20 أبريل الماضي. منذ عشرة أيام، أصبحت إقامته غير شرعية. لا أحد يمنعه من طلب اللجوء في اليونان. لكن فترات الانتظار تتراوح بين ثلاث وأربع سنوات. خلال ذلك، يمكنك أن تعمل، لكن عند انتهاء المدة، يأتي الرد بالرفض. في عام 2007، وأمام 25000 طلب لجوء تم تقديمها، حصل 150 شخصاً فقط على حق اللجوء أو الحماية الإنسانية. لذلك الجميع يريد الرحيل. كما أن بعضهم قد يكون لديه أقرباء في بعض الدول الأوروبية. كي تترك اليونان، يكفي أن يكون لديك جواز سفر مزور أو أن تسافر متخفياً داخل إحدى الحاويات التي تصل كل يوم إلى باتراسُّو ثم تتجه إلى إيطاليا. لكن مصير هؤلاء الأشخاص مرهون ببصمات أيديهم
تسمى اتفاقية دبلن، وتلزم طالب اللجوء بالتقدم بطلب الحصول على حق اللجوء لأول دولى أوروبية يقابلها. وبما أن معدل الاعتراف باللاجئين في اليونان أقل خمسين مرة مما هو عليه في إيطاليا والسويد، فالأمر لا يهم. إذا تم أخذ البصمات في اليونان، فقد حُكِمَ عليك بالبقاء في اليونان. علي – سوداني – وصل إلى النرويج منذ سنة، لكنهم رحلوه إلى أثينا. نفس الشيء حدث مع سياد، من أيرلندا. هنا تكمن لاعقلانية سياسات اليونان بشأن الهجرة. لا ترغب اليونان في بقائهم، بدليل أنها لا تمنح حق اللجوء لأحد وتقوم بارتكاب فظائع بحق هؤلاء في البحر وإبعادهم إلى تركيا. لكنهم لا يستطيعون الرحيل من اليونان. كل هذا بينما تقلص عدد طلبات اللجوء في أوروبا – خلال السنوات الأخيرة - إلى النصف. وهكذا يزداد عدد الأشخاص الذين لا يحملون مستندات، وليس لديهم حقوق، والذين يتم استغلالهم في مواقع العمل في أثينا كما في جني محاصيل الفراولة في أوليمبيا وأيضاً محاصيل البرتقال في أترا. اليونان بعيدة كل البعد عن الفكرة التي كونوها عن أوروبا. لذلك تُستأنَف الرحلة. من باتراس. في اتجاه آخر مختلف تماماً: إيطاليا
أظهر لي محمد إحدى رسوماته. يوجد شرطي يشهر سكيناً في الهواء، وصبي صغير وقد تلطخت رأسه بالدماء، في جراج رمادي أمام ميناء. أصر جابر على أن يريني الصورة التي رسمها منذ شهرين أحد الشباب الذي يعيش معه في الكوخ. إنها دليل على القصة التي كان قد حكاها لي اليوم السابق، عندما التقينا، في كوخ جمة. جابر – 16 سنة – عاش الحدث بنفسه، كانوا يهربون من جراج الشاحنات، وتطاردهم الشرطة. هذا أمر يحدث كل ليلة في باتراس. مجموعات من عشرة أو خمسة عشر مراهقاً يتسلقون السور البالغ ارتفاعه مترين، مثل البوابة 7، ويهرعون نحو الشبكة الثانية للأسلاك الشائكة، والتي تحيط بموقف الشاحنات. كي يعرفوا ما إذا كانت الشاحنة متجهة إلى إيطاليا أم لا – يشرح لي جمة – يتحسسون درجة حرارة الإطارات. إذا كانت الإطارات ساخنة، فهذا يعني أن الشاحنة وصلت لتوها من أثينا، وسترحل في اليوم التالي إلى إيطاليا. يختبئون وسط البضائع، أو بالأسفل، متشبثين بهيكل الشاحنة، قبل أن تصل الشرطة وتبدأ المشاكل. يعرف جمة ذلك جيداً. فمنذ شهرين، ألقوا القبض عليه. في الميناء. كانوا أربعة من رجال الشرطة. سددوا لكمة وركلة إلى أذنيه كي يشلوا حركته. ثم جعلوه يستلقي على الأرض ويديه مفتوحتين، بينما أحد رجال الشرطة كان يركل ظهره بحذائه. لقد قرروا أن يلهوا قليلاً. صوب أحدهم مسدسه إلى جبهته وقال له "سأقتلك!". وضغط على الزناد. لم يحدث شيء. كانوا قد أفرغوا المسدس من الرصاص. في النهاية، بعد الضرب وعملية الإعدام الوهمية، سأله كم يبلغ من العمر. أربعة عشر، أجاب. تركوه يذهب. قصته مثل قصص أخرى مشابهة. من سوء المعاملة والإفلات من العقاب. من أشكال العنصرية. ولكن كيف لرجل من قوات الأمن أن يصوب مسدسه على جبهة صبي يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً؟ وكيف يمكن لصبي في الرابعة عشر من عمره أن يموت دهساً تحت إطارات شاحنة، كما حدث إلى فورلي في يناير، لأنه ليس لديه أية طريقة أخرى للوصول إلى إيطاليا
جيلُنا ولد في الحرب، وشب في الحرب، وفر من الحرب. لم أرى شيئاً آخر منذ ولادتي غير الدمار، الموت، عمليات الخطف. فقدنا أحبائنا. خسرنا حقوقنا. ومع ذلك لا نتلقى أي حماية. كم من الحروب تلزم؟ كم منا يجب أن يموتوا كي يمنحونا حق اللجوء السياسي؟. يتسائل بصوتٍ عالٍ أحد الأفغان في جلسة علنية نظمتها حركة باتراس المناهضة للعنصرية في 25 مايو الماضي. للمشاركة في هذا الحدث، جاء من سالونيك بعض النشطاء وقاموا – بشكل غير قانوني - بتوصيل أنبوب لتوصيل المياه إلى المناطق العشوائية التي يقطنها الأفغان. يعيش في هذه المناطق 500 أفغاني، واحد بين كل ثلاثة يقل عمره عن 18 سنة. هذا المخيم موجود منذ عام 1996. في البداية كانوا أكراداً فقط. بعض الأكواخ لديها وصلات كهربائية غير قانونية. يحاولن كل ليلة عبور الحدود. تراقبهم الشرطة. فضلاً عن أنه سكن طاريء، فهو مكان جديد للاحتجاز. حي عشوائي يعج بمئات اللاجئين المراقبين والذين لا يدفعون أي نفقات. نعم، فحتى لو لم تكن هناك سجون، فغير مسموح الخروج من المخيم. سيارات الشرطة منتشرة في كل مكان. هناك خطر إلقاء القبض عليك، ونقلك إلى قسم الشرطة، والاحتجاز هناك لثلاثة أشهر في مراكز إفروس أو أثينا. يمكنك فقط الهرب من المخيم. ليلاً. محاولاً التغلب على الانتشار الأمني المكثف واعتدائات رجال الشرطة بالضرب، والتحايل على القوات الخاصة المكلفة بحراسة شركات النقل البحري وسائقي الشاحنات. وعلى أمل ألا يعيدونك إلى اليونان بعد أن تصل إلى الموانيء الإيطالية. وإلا ستضطر لأن تقوم بكل هذا من جديد. "نموت كل لحظة، ونستمر في الموت – هكذا ينهي حديثه الشاب الأفغاني متوجهاً إلى الجمهور - لكننا بشر مثلكم. نحن لسنا حيوانات. لدينا نفس المشاعر التي لديكم
نطلب من الساسة الإيطاليين والأوروبيين زيارة باتراس. في الواقع، يستعد البرلمان الإيطالي لمناقشة إمكانية اعتبار الهجرة غير الشرعية جريمة يعاقب عليها القانون، وأعلنت الحكومة أنها ستحتاج إلى 600 مليون يورو لكي يكون في كل إقليم مركز لتحديد الهوية والترحيل (والتي سوف تحل محل مراكز الإقامة المؤقتة)، والتي تم تخصيص 10 ثكنات مهجورة لها. المهاجرون الذين لا يحملون تصريح إقامة يمكن أن يتم احتجازهم داخل هذه المراكز لمدة 18 شهراً، وهو ما يعد تمهيداً للقرارات الأوروبية المخجلة – التي على وشك أن يتم إصدارها - حول عمليات الترحيل. شيء خطير هو ما يحدث في أوروبا من حرية التنقل. ولكن يبدو أن كافة المسافرين لا ينتمون لنفس الفئة البشرية. وتجدر الإشارة إلى هذا في بداية فصل الصيف. أيضاً هذا العام، عشرات الملايين من السياح سيصلون جزر الكناري، والأندلس، والجزر اليونانية، ومالطا، وجزيرة صقلية، وسوف تستقبلهم ابتسامات المضيفات والنوادل. سيذهب إلى نفس تلك الأماكن عشرات آلاف آخرين من المسافرين الذين لم تتم دعوتهم، إلا أنه سيتم حراستهم من قبل سفننا الحربية، وطائرات بدون طيار، وأقمار صناعية تجسسية، وفي النهاية سيتم تجريدهم من حريتهم. ذهاباً إلى نفس تلك الأماكن، مئات الرجال والنساء والأطفال سيفقدون حياتهم. أفكر في هذا الأمر كل مرة أدخل فيها إلى مياه البحر. وأعتقد أن هذا الوضع غير طبيعياًّ على الإطلاق.
ترجمة: محمد نجيب سالم