08 June 2011

احتراق مركز لتحديد الهوية والطرد. وبدء عملية المصادرة


ها قد اختفى أحدها. مركز سانتا ماريا كابوا لتحديد الهوية والطرد - الواقع في مقاطعة كازيرتا - لم يعد موجوداً. لم يعد موجوداً مادياًّ لأنه قُضِيَ عليه من قبل ألسنة اللهب التي اندلعت الليلة. كما لم يعد موجوداً قانونياًّ لأن النيابة العامة لسانتا ماريا كابوا فيتيريه طالبت بالمصادرة القانونية للمركز، وتسوية عملية نقل المحتجزين. بدأت القصة عندما علم شابٌّ تونسيٌّ – في هذه الأيام – بوفاة شقيقه، فتوجه إلى ضباط قوات الأمن داخل المركز، وطلب منهم أن يقوموا بترحيله إلى وطنه في أقرب وقتٍ ممكنٍ لحضور الجنازة. طلبوا منه أن ينتظر. ثم بعد ذلك طلبوا منه من جديد أن ينتظر. إلى أن حَلَّ المساء. ولم يعد الشاب قادراً على أن ينظر إلينا؛ لما تعرض له من إذلال.

ليس فقط لحريته التي سُلِبَت منه دون أن يرتكب أية جريمة، ولكن أيضاً لم تكن لديه الحرية الكافية كي يعود إلى عائلته في تونس للمشاركة في جنازة أحد أقرب الأشخاص إلى قلبه. عند هذه النقطة، يروي بعض الأشخاص أنهم شاهدوه يكسر مرآة، ويبتلع قطع الزجاج. إنها تقنية قديمة، وهي الأكثر يأساً. محاولة الانتحار والخروج من أقفاص مراكز الترحيل من خلال باب سيارة إسعاف، على أمل البقاء على قيد الحياة بعد ذلك والتمكن من الهرب من خلال نافذة إحدى نقاط الإسعافات الأولية. عندما رآه باقي المحتجزين يسقط على الأرض طالباً المساعدة، حملوه جميعاً إلى بوابة السور، وطلبوا المساعدة بصوتٍ عالٍ. وعلى الفور، استجاب ضباط قوات الأمن لندائهم. ولكن بدلاً من إحضار نقالة، قام رجال الشرطة – هكذا يروي لنا أحد الشهود – بجره من ذراعيه وهو محمَّلاً على الأرض بكامل وزنه، بينما كان يرقد بلا حراك على الأرض، كما لو كان حيواناً.

هذا الإذلال "المجاني" الأخير الذي تعرض له كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. وشَرَعَ المواطنون التونسيون المحتجزون داخل مركز تحديد الهوية والطرد منذ 18 نيسان (أبريل) الماضي – والذي يبلغ عددهم 96 تونسياًّ – شرعوا في الصراخ معلنين عن غضبهم. من جانبهم، جاء رد قوات مكافحة الشغب داخل المركز بإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع ناحية الخيام التي كان المحتجزون التونسيون ينامون داخلها. في هذه اللحظة، اندلع الحريق. كانت الساعة قد تخطت – منذ قليل – منتصف الليل. زاد الغاز المسيل للدموع اشتعال ألسنة اللهب، بعد أن سقطت بعض القنابل المسيلة للدموع – التي قامت بإلقائها عناصر الشرطة – على الخيام، مما أدى إلى تمزقها واندلاع الحريق بها. هذا ما أخبرنا به المحتجزون عبر الهاتف، إلا أن الشرطة تؤكد العكس، وتدعي أن المحتجزين هم من قاموا بإشعال النيران.

أثناء اندلاع الحريق، وقعت اشتباكات بين شرطة مكافحة الشغب من جهة والمحتجزون العُزَّل من جهة أخرى. وكانت المحصلة إصابة عشرات الأشخاص. أعلنت نقطة الشرطة نبأ إصابة خمسة من رجال الشرطة ورجال الدرك بكدمات. في حين لا يزال عدد المصابين بين المحتجزين – سواء من تعرض منهم لكدماتٍ أو لاختناقٍ نتيجة للغازات المسيلة للدموع - غير معروف.

وقد أمرت النيابة العامة لسانتا ماريا كابوا فيتيريه بالمصادرة القانونية لمركز تحديد الهوية والطرد المنكوب. وستساهم عملية المصادرة في تقديم تأكيدات، والعثور على آثار للجرائم المرتكَبة. وبرَّرَ المدعي العام كورَّادو ليمبو عملية المصادرة بما لحق بمركز سانتا ماريا كابوا فيتيريه من أضرار هائلة جعلته – من الناحية الموضوعية - غير قابل للاستخدام. وفي الوقت نفسه، تم تقسيم المحتجزين إلى ثلاث مجموعات، ونُقِلُوا إلى مراكز استقبال طالبي اللجوء في مانفريدونيا وفوجيا وكروتونيه.

translated by Mohammad Naguib